روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | تستحقون.. الانتصار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > تستحقون.. الانتصار


  تستحقون.. الانتصار
     عدد مرات المشاهدة: 1914        عدد مرات الإرسال: 0

معركة طويلة تلك التي يعيشها الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

هو صراع تاريخي تتراكم خلاله الانتصارات والإنجازات. من يعجز عن رؤية التراجعات التي سجلها الاحتلال منذ سنوات بعيدة يعيش الهزيمة النفسية. من دولة ما بين الفرات والنيل إلى دولة على كل فلسطين وجنوب لبنان والجولان، ثم دولة تحاصر نفسها بالجدران، وتنسحب من قطاع غزة التي كان شارون يساوي مستوطنتها نتساريم بأية مدينة "إسرائيلية" أخرى.

مثلما كانت صفقة شاليط انتصارًا تاريخيًا حققته المقاومة في مواجهة الاحتلال، ها هم الأسرى يسجلون انتصارًا على الجلاد عبر معركة الأمعاء الخاوية. ها هم يفرضون إرادتهم عليه ويدفعونه إلى التراجع. والأجمل أن يأتي الانتصار عشية ذكرى النكبة عام 48.

كثيرة هي العوامل التي أدت إلى نجاح الإضراب رغم أنه لم يكن شاملًا لكل السجون وجميع المعتقلين، إذ لم يشارك فيه سوى 1600 أسير إثر رؤية اجتهادية مختلفة لقيادة أسرى حركة فتح لم تحل دون مشاركة عدد منهم في الإضراب، ومن أهم تلك العوامل خشية الاحتلال من وفاة بعض الأسرى ما قد يؤدي إلى تفجير انتفاضة جديدة في الضفة الغربية يعمل المحتلون المستحيل ومعهم قادة السلطة على ألا تنفجر. ونعلم أن هناك أسرى مضى على إضرابهم أكثر من شهرين، من بينهم بلال ذياب وثائر حلاحلة والشيح أحمد الحاج علي، والذين مضوا على درب خضر عدنان وهناء شلبي.

لا شك أن هذا العامل كان مهمًا إلى حد كبير، لكن العامل الأهم، بل الأكثر أهمية هو صمود الأسرى وإصرارهم على الانتصار، فضلًا عن تكاتفهم وعجز المحتل عن تفريق صفوفهم، عبر وعود لهذه الفئة أو تلك أو تفاوض جانبي مع هذا السجن أو ذاك.

كان تفاعل الشارع الفلسطيني معهم جيدًا إلى حد ما، ولولا قيود السلطة الكثيرة لكان أكبر بكثير، كما أن بعض الفعاليات العربية والدولية (الشعبية) كانت حاضرة أيضًا، ومعها بعض الاتصالات الرسمية من هنا وهناك، وإن تحرك بعضها ضمن هاجس الخوف من الانتفاضة الجديدة التي لا ينحصر الخوف منها في السلطة، بل يشمل كثيرًا من الدول العربية التي تخشى اتساع نطاق الاضطرابات عربيًا في حال اندلاع الثورة في الضفة الغربية وبقية الأراضي الفلسطينية، فضلًا عن واشنطن وعواصم الغرب التي تعيش ذات الهاجس خوفًا على مصالح الاحتلال.

أيًا يكن الأمر، فما جرى كان انتصارًا للأسرى، وانتصارًا للشعب الفلسطيني الذي أنجبهم ووقف معهم، ويكفي أن يخرج الأبطال الكبار من عزل سنوات طويلة حتى يتأكد الانتصار (إبراهيم حامد، حسن سلامة، عبد الله البرغوثي، عباس السيد، أحمد سعدات، جمال أبو الهيجاء، محمود عيسى، عاهد أبو غلمة، وليد خالد، محمد عرمان، أحمد المغربي، محمود العارضة، رزق رجوب، صابر أبو ذياب، باجس نخلة، ضرار السيسي، منذر الجعبة، رائد أبو ظاهر، معتز حجازي).

أما السماح بزيارة أسرى قطاع غزة من قبل أهلهم، فهو إنجاز أيضًا. ويبقى الأهم من ذلك كله مثلًا في وقف سياسة الاعتقال الإداري من دون أدلة أمنية بعيدًا عن التقديرات الفارغة حول الخطورة التي يمثلها بعض الأسرى، إلى جانب قضايا أخرى تخص حياة الأسرى في المعتقلات.

إن ما ينبغي التأكيد عليه هو أن المحتل يعيش أسوأ أوضاعه، ولو توحد الفلسطينيون خلف برنامج المقاومة كما توحدوا خلف قضية الأسرى لاختلفت المعادلة برمتها، ولكان بوسع الشعب الفلسطيني تحقيق إنجازات كبيرة، بل إن فرض الانسحاب الكامل والشامل من الأراضي المحتلة عام 67 دون قيد أو شرط لا يبدو مستبعدًا بحال من الأحوال في حال توحد الجميع خلف برنامج مقاومة ناجع، ولتكن في هذه المرحلة مقاومة شعبية شاملة تشتبك مع الحواجز والجنود والمستوطنين لكي يجري تجنب الخلاف مع أعداء "العسكرة".

الانتصار في معركة الأسرى يؤكد أن كسر إرادة المحتل ليس مستحيلًا حين تكون البوصلة صحيحة والإرادة صلبة والعزيمة قوية، والشعب الفلسطيني الذي ألهم جماهير الأمة ثقافة المقاومة ليس عاجزًا عن صناعة ربيعه الخاص، لكن المشكلة تكمن في قيادة حشرت نفسها في رؤية واحدة وبرنامج واحد شبع فشلًا، لكنها ترفض الاعتراف بفشله، ربما لأن ذلك سيرتب عليها مسارًا لا تريده وليست جاهزة لدفع استحقاقاته.

الكاتب: ياسر الزعاترة

المصدر: موقع الدستور الأردنية